الملخص
ظهرت المعلوماتية كنتاج للتطور العلمي والتقدم التقني الذي عرفه العالم منذ منتصف القرن العشرين، ومع الزمن أصبحت اليوم نظم المعالجة الإلكترونية للمعلومات تهيمن على كافة نواحي الحياة اليومية والعملية للأفراد والمؤسسات والشركات المتنوعة وحتى الدول والمنظمات المختلفة، لكن مع ما كان لهذه التقنيات الحديثة من فوائد إلا أنها أفرزت نمطا جديدا من الإجرام يسمى: الجرائم المعلوماتية، فكل الجرائم التي يشهدها العالم اليوم وما يعرفه من دمار واضطراب، وخاصة في الدول العربية كالجرائم الإرهابية والجرائم المنظمة والتجسس وجرائم الحرب ومختلف الجرائم العابرة للحدود تتم اليوم باستخدام نظم معلوماتية، كل هذا يجعلنا نقف لنفكر مليا وبحكمة لمواجهة هذا الطريق الحديث للإجرام، فالانتقال كخطوة أولى لن يكون إلا من خلال ابتكار وإعمال طرق جديدة ومبتكرة لمكافحة هذه الجرائم تتماشى والخصوصية التي تتميز بها.
وعليه فإن هذه الدراسة البحثية تتناول موضوعا يتعلق بتطوير وتفعيل آليات قانونية مستحدثة لمكافحة الجريمة المعلوماتية، من خلال تغيير طرق البحث والتحري حول الجرائم المعلوماتية، وكذا تطوير طرق التعاون الدولي وخاصة العربي، لخلق آليات تتماشى ومقتضيات هذا النوع من الجرائم، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تعديل النظم القانونية الداخلية للدول العربية بإدخال قواعد قانونية تخلق أجهزة بحث وتحري وتحقيق قائمة على هيكل بشري وتقني متخصص هذا من جهة، وتطوير طرق البحث بجعلها عابرة للحدود من جهة ثانية، وهذا بخلق قنوات التعاون التشريعي الداخلي العربي دون أن تعترضها عوائق السيادة بل الرغبة الحقيقية لتوحيد أنماط التتبع القانوني التقني، كل هذا لتحقيق نتائج فعلية في الحد من الإجرام بالاعتماد على المعلوماتية وكذا تسهيل ملاحقة مرتكبيها والقبض عليهم.